هاد الموضوع اهداء مني للاستاذ علاء صعب
تشكيل بركاني-كلسي ولا أعجب، نقيضان لا يلتقيان التحما معاً التحاماً دهرياً قلما يشاهد في كوكبنا ليصنعا لوحات تشكيلية ساحرة في تجويف ممتد في الأرض، إنها "مغارة الهوة" واحدة من مغارات الأساطير تكونت قبل نحو مليوني عام، ولا تزال تنتظر من يخرجها من عالم الأسطورة إلى الواقع المنظور. ولتسليط الضوء على هذه التحفة الطبيعية وإمكانية استثمارها السياحي التقى عكس السير الأستاذ جميل شقير "مدرس جغرافيا" أحد دارسيها والمفتونين بجمالها وندرتها، فحدثنا قائلاً:
تقع مغارة الهوة جنوب محافظة السويداء إلى الشمال من قرية أم الرمان ﺒ 3 كم، وهي ظاهرة بركانية فريدة ليس للإنسان فيها أي يد، كما أنه لا مثيل لها في العالم سواء في اليابان أو أندونيسيا أو إيطاليا أو في براكين تشيلي! ونتوقع نحن والجيولوجيون أنها تشكلت في فترة قد تصل إلى مليوني عام.
تتميز هذه المغارة عن غيرها من المغاور البركانية في العالم بأنها مغارة "مركبة"، أي أنها تتألف من مغارتين معاً. تشكلت المغارة الأولى في بداية الزمن الثالث من الصهارة المندفعة من فوهة بركانية تقع غرب التل الذي أقيمت عليه قلعة صلخد، فقد اندفعت الصهارة في وادٍ عميق بين قرية الرافقة وبلدة ذيبين، واستمر اندفاع المهل اللزجة في ذلك الوادي لفترة زمنية طويلة، مما سمح لعوامل الجو أن تبرّد سطح هذا الوادي الملتهب، فيقسو ويتجمد مشكلاً سطح المغارة الأولى.
وعندما توقّف انبعاث الصهارة، انسحب المتبقي منها والذي حافظ على حرارته العالية تحت الغطاء المتصلب إلى المناطق المنحدرة تاركاُ فراغاً تحت السطح فشكل المغارة الأولى.
وعندما عاود البركان نشاطه في نهاية الزمن الثالث، عاد ليرسل حممه إلى نفس الوادي أي فوق سطح المغارة الأولى، وبسبب استمرار سيلان الصهارة لفترة زمنية طويلة فقد أدت حرارة المهل العالية إلى إذابة سطح المغارة الأولى. ويظهر أن الاندفاع الثاني كان أغزر بكثير من الأول بحيث ارتفعت سويته فوق مستوى سطح المغارة الأولى بأكثر من عشرة أمتار. ومع الزمن بدأت تتكرر الظاهرة السابقة لتبرد سطح الصهارة الثانية المتقوسة فتشكل سطح المغارة العليا.
يصل طول المغارة المكتشف لحد الآن إلى 3 كم ويتراوح عرضها بين 12 ــ 17 متراً، وأتوقع أن يكون طولها الحقيقي حوالي 9 كم! وبقي من سطح المغارة السفلى "كتفان" شاهدان على تشكلها يبرزان باتجاه الداخل بعرض يزيد عن المترين أحياناً، ويقدر ارتفاعها بحوالي خمسة أمتار، في حين يرتفع سطح المغارة العليا عن مستوى الكتفين بين 5 ــ 7 أمتار.
ونتيجة لذوبان الكلس المترافق مع البازلت عبر ملايين السنين تسرب الكلس إلى المغارة ليشكل صواعد ونوازل فريدة من نوعها، والمدهش أن تلك الانسياحات قد تلونت باللون الأحمر الصارخ أحياناً تبعاً لنسبة انحلال أكسيد الحديد فيها.
ويشكل الكلس في أرض المغارة طبقات تشبه "شرائح اللحم"! إضافة للصواعد التي تكلست بسرعة وأعطتنا عشرات النماذج المختلفة تماماً عن الصواعد في المغاور الكاريستية (كمغارة جعيتا في لبنان)، فالنوازل والصواعد في مغارة جعيتا تشبه أضراس التنين، لكنها في مغارة الهوة مختلفة تماماً فنجد صواعد تشبه ثمار الصبار وهي متوضعة على ورقتها، وصواعد تشبه جوانب الحوض، وأخرى تشبه ثمرة الصنوبر، وكلها ذات ألوان زاهية وملفتة للنظر، أما النوازل التي تغطي جزءاً كبيراً من سطح المغارة فتشبه لوحات سيريالية رائعة التشكيل!
تحتاج المغارة إلى اهتمام كبير، فلم تلقَ أي اهتمام سواء من مديرية السياحة أو الآثار، كما لم يزرها أحد من المسؤولين رغم أهميتها السياحية الكبيرة!
كل ما تم القيام به أن بلدية أم الرمان وضعت باباً من الحديد للمغارة، لكن الزوار قاموا بكسره لتصبح مشاعاً يدخلها من يشاء، كما يقوم الزوار أحياناً بتكسير الصواعد والنوازل الثمينة لاقتنائها في منازلهم، فالصواعد والنوازل التي تشكلت منذ مليوني عام تكسرها مطرقة بدقائق!
يتطلب ترميم المغارة تكاليف عالية، لذا يجب أن يتعهدها القطاع الخاص أو مديرية "السياحة" وليس مديرية "الآثار" لعدم وجود أي أثر بشري فيها؛ حتى الحيوانات من ضباع وذئاب تدخل إلى مسافة 100 م فقط، أما المسافة المتبقية فلا وجود لأي أثر لدخول حيوان إليها.
لقد اكتشفت هذه المغارة في بداية القرن العشرين، ونوه إليها أحد الضباط الفرنسيين حيث استخدموها أثناء احتلالهم لسورية.
ويمكننا التأكيد على أن تلك الظاهرة فريدة من نوعها في العالم لأن ترسب الكلس قد غطى كامل جسم المغارة من الداخل بمشاهد وأشكال تثير المتعة والاندهاش!
تشكيل بركاني-كلسي ولا أعجب، نقيضان لا يلتقيان التحما معاً التحاماً دهرياً قلما يشاهد في كوكبنا ليصنعا لوحات تشكيلية ساحرة في تجويف ممتد في الأرض، إنها "مغارة الهوة" واحدة من مغارات الأساطير تكونت قبل نحو مليوني عام، ولا تزال تنتظر من يخرجها من عالم الأسطورة إلى الواقع المنظور. ولتسليط الضوء على هذه التحفة الطبيعية وإمكانية استثمارها السياحي التقى عكس السير الأستاذ جميل شقير "مدرس جغرافيا" أحد دارسيها والمفتونين بجمالها وندرتها، فحدثنا قائلاً:
تقع مغارة الهوة جنوب محافظة السويداء إلى الشمال من قرية أم الرمان ﺒ 3 كم، وهي ظاهرة بركانية فريدة ليس للإنسان فيها أي يد، كما أنه لا مثيل لها في العالم سواء في اليابان أو أندونيسيا أو إيطاليا أو في براكين تشيلي! ونتوقع نحن والجيولوجيون أنها تشكلت في فترة قد تصل إلى مليوني عام.
تتميز هذه المغارة عن غيرها من المغاور البركانية في العالم بأنها مغارة "مركبة"، أي أنها تتألف من مغارتين معاً. تشكلت المغارة الأولى في بداية الزمن الثالث من الصهارة المندفعة من فوهة بركانية تقع غرب التل الذي أقيمت عليه قلعة صلخد، فقد اندفعت الصهارة في وادٍ عميق بين قرية الرافقة وبلدة ذيبين، واستمر اندفاع المهل اللزجة في ذلك الوادي لفترة زمنية طويلة، مما سمح لعوامل الجو أن تبرّد سطح هذا الوادي الملتهب، فيقسو ويتجمد مشكلاً سطح المغارة الأولى.
وعندما توقّف انبعاث الصهارة، انسحب المتبقي منها والذي حافظ على حرارته العالية تحت الغطاء المتصلب إلى المناطق المنحدرة تاركاُ فراغاً تحت السطح فشكل المغارة الأولى.
وعندما عاود البركان نشاطه في نهاية الزمن الثالث، عاد ليرسل حممه إلى نفس الوادي أي فوق سطح المغارة الأولى، وبسبب استمرار سيلان الصهارة لفترة زمنية طويلة فقد أدت حرارة المهل العالية إلى إذابة سطح المغارة الأولى. ويظهر أن الاندفاع الثاني كان أغزر بكثير من الأول بحيث ارتفعت سويته فوق مستوى سطح المغارة الأولى بأكثر من عشرة أمتار. ومع الزمن بدأت تتكرر الظاهرة السابقة لتبرد سطح الصهارة الثانية المتقوسة فتشكل سطح المغارة العليا.
يصل طول المغارة المكتشف لحد الآن إلى 3 كم ويتراوح عرضها بين 12 ــ 17 متراً، وأتوقع أن يكون طولها الحقيقي حوالي 9 كم! وبقي من سطح المغارة السفلى "كتفان" شاهدان على تشكلها يبرزان باتجاه الداخل بعرض يزيد عن المترين أحياناً، ويقدر ارتفاعها بحوالي خمسة أمتار، في حين يرتفع سطح المغارة العليا عن مستوى الكتفين بين 5 ــ 7 أمتار.
ونتيجة لذوبان الكلس المترافق مع البازلت عبر ملايين السنين تسرب الكلس إلى المغارة ليشكل صواعد ونوازل فريدة من نوعها، والمدهش أن تلك الانسياحات قد تلونت باللون الأحمر الصارخ أحياناً تبعاً لنسبة انحلال أكسيد الحديد فيها.
ويشكل الكلس في أرض المغارة طبقات تشبه "شرائح اللحم"! إضافة للصواعد التي تكلست بسرعة وأعطتنا عشرات النماذج المختلفة تماماً عن الصواعد في المغاور الكاريستية (كمغارة جعيتا في لبنان)، فالنوازل والصواعد في مغارة جعيتا تشبه أضراس التنين، لكنها في مغارة الهوة مختلفة تماماً فنجد صواعد تشبه ثمار الصبار وهي متوضعة على ورقتها، وصواعد تشبه جوانب الحوض، وأخرى تشبه ثمرة الصنوبر، وكلها ذات ألوان زاهية وملفتة للنظر، أما النوازل التي تغطي جزءاً كبيراً من سطح المغارة فتشبه لوحات سيريالية رائعة التشكيل!
تحتاج المغارة إلى اهتمام كبير، فلم تلقَ أي اهتمام سواء من مديرية السياحة أو الآثار، كما لم يزرها أحد من المسؤولين رغم أهميتها السياحية الكبيرة!
كل ما تم القيام به أن بلدية أم الرمان وضعت باباً من الحديد للمغارة، لكن الزوار قاموا بكسره لتصبح مشاعاً يدخلها من يشاء، كما يقوم الزوار أحياناً بتكسير الصواعد والنوازل الثمينة لاقتنائها في منازلهم، فالصواعد والنوازل التي تشكلت منذ مليوني عام تكسرها مطرقة بدقائق!
يتطلب ترميم المغارة تكاليف عالية، لذا يجب أن يتعهدها القطاع الخاص أو مديرية "السياحة" وليس مديرية "الآثار" لعدم وجود أي أثر بشري فيها؛ حتى الحيوانات من ضباع وذئاب تدخل إلى مسافة 100 م فقط، أما المسافة المتبقية فلا وجود لأي أثر لدخول حيوان إليها.
لقد اكتشفت هذه المغارة في بداية القرن العشرين، ونوه إليها أحد الضباط الفرنسيين حيث استخدموها أثناء احتلالهم لسورية.
ويمكننا التأكيد على أن تلك الظاهرة فريدة من نوعها في العالم لأن ترسب الكلس قد غطى كامل جسم المغارة من الداخل بمشاهد وأشكال تثير المتعة والاندهاش!